Home - Tafsir


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } * { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } * { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } * { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } * { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } * { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ }

وقوله: { تَصْلَى ناراً حامِيَةً } يقول تعالى ذكره: ترد هذه الوجوه ناراً حامية قد حَمِيت واشتدّ حرّها. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة { تَصْلَى } بفتح التاء، بمعنى: تَصْلَى الوجوه. وقرأ ذلك أبو عمرو: «تُصْلَى» بضم التاء اعتباراً بقوله: { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } ، والقول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وقوله: { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } يقول: تُسْقَى أصحاب هذه الوجوه من شَراب عين قد أَنَى حرّها، فبلغ غايته في شدّة الحرّ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال: هي التي قد أطال أَنْيَها. حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال: أنىَ طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا. حدثني به يعقوب مرّة أخرى، فقال: منذ يوم خلق الله السموات والأرض. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال: قد بلغت إناها، وحان شربها. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } يقول: قد أَنَى طبخها منذ خلق الله السموات والأرض. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، في قوله: { مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال: من عين أَنَى حرّها: يقول: قد بلغ حرّها. وقال بعضهم: عُنِي بقوله: { مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } من عين حاضرة. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال: آنية: حاضرة. وقوله: { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } يقول: ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة، طعام إلا ما يطعمونه من ضرِيع. والضريع عند العرب: نبت يُقال له الشِّبْرِق، وتسميه أهل الحجاز الضَّرِيع إذا يبس، ويسميه غيرهم: الشِّبْرق، وهو سمّ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال: الضريع: الشِّبْرق. حدثني محمد بن عُبيدة المحاربيّ، قال: ثنا عباد بن يعقوب الأسديّ، قال محمد: ثنا، وقال عباد: أخبرنا محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ، عن عكرِمة في قوله: { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال: الشِّبرق. حدثني يعقوب، قال: ثنا إسماعيل بن عُلَية، عن أبي رجاء، قال: ثني نجدة، رجل من عبد القيس عن عكرِمة، في قوله: { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال: هي شجرة ذات شوك، لاطئة بالأرض، فإذا كان الربيع سمَّتها قريش الشِّبرق، فإذا هاج العود سمتها الضِّرِيع.

PreviousNext
1 3